الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012

6

فى الامتحان
-فى اليوم السابق للامتحان ( ليلة الامتحان ) :-
عليك أن تريح ذهنك فى أثناء هذا اليوم و تنبه إن إرهاقك فى الاستذكار فى هذا اليوم يؤثر عليك فى يوم الامتحان و أن انصرافك التام عن الاستذكار فى هذا اليوم يجعلك تشعر بالقلق مما يفقدك الثقة يوم الامتحان فاحرص فى هذا اليوم على أن تجمع بين المراجعة وشىء من الترفيه يقلل من توترك ويمنحك الثقة ؛ و احرص على ألا تستسلم للسهر إلى وقت متأخر من الليل بل نم مبكراً لتحظى بقدر وافر من النوم والراحة ، و اعلم أن راحة الذهن والجسد هى أهم شىء فى استعدادك للامتحان ، واحرص على حل امتحانات للسنوات السابقة لكى تتدرب على أسلوب ونمط الامتحانات .
*فى يوم الامتحان :-
*اعلم أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً ؛ لذا احذر التوتر و القلق وتجنبهما وثق فى الله ؛ فإن التوتر عدوك الأول فى يوم الامتحان ؛ و احرص على هدوء أعصابك وعلى أن تذهب إلى لجنة الامتحان وأنت فى أحسن حالاتك النفسية وأعصابك حديدية كأنك ذاهب إلى ليلة عرسك .
حافظ على صفاء ذهنك فلا تحاول تعلم شىء جديد فى هذا الوقت المتأخر ولا تحاول القيام بمزيد من المراجعة فاكتف بما حصلته وتوكل على الله ولا تذهب للجنة الامتحان مبكراً جداً كى لا تدخل فى مناقشات مع زملائك تشتت معلوماتك وتضعف ثقتك بنفسك ، بل اذهب مبكراً قليلاً وحاول الذهاب مع أحد أصدقائك للتخفيف من توترك .
*اصطحب معك ساعتك لتدرك زمن الامتحان ولكى لا تهدر الوقت فى إجابة سؤال معين دون باقى الأسئلة بغير قصد  .
-اقرأ الأسئلة بتأن وإذا وجدت سؤالاً من جزأين فضع تحته خطين لكى لا تنساهما أو تجيب عن جزء دون الآخر .
*إذا وجدت سؤالاً صعباً أو عز عليك تذكر إجابته فاتركه لآخر الامتحان ولا تهدر كل وقت الامتحان فيه .
-نظم ورقة الإجابة وابدأ إجابة كل سؤال ببداية صفحة جديدة .
*احذر كتابة أكثر من إجابة لسؤال واحد ( بعض الطلاب يشكون فى إجاباتهم فيجيبون إجابة صحيحة ثم إجابة خاطئة ويكتبون إجابة أخرى للسؤال وفى هذه الحالة يحرمون من درجة السؤال نهائياً رغم أن المراقبين ينصحونهم بكتابة إجابات عديدة للسؤال الواحد ) ألم أذكر لكم سابقاً بطلان كثير من كلام الناس ؟! ( اللهم بلغت اللهم فاشهد ) .
*يجب أن تكون إجابتك مرتبة بعناصر ونقاط فمثلاً بدلاً من أن تكتب أن من وسائل الإعلام :   " الاستماع والاطلاع والقراءة "  اكتبها بطريقة سهلة على المصحح هكذا:
 من وسائل الإعلام :
 1-الاستماع
 2-الاطلاع
 3-القراءة .
- اكتب عناصر إجابة جميع الأسئلة فى مسودة بآخر ورقة فى كراسة الإجابة .
-فى أحيان كثيرة تصخب لجنة الامتحان بالضوضاء نتيجة مشاجرات الطلاب مع المراقبين لذا عود نفسك على حل الامتحانات فى الضوضاء ودرب نفسك على ذلك جيداً؛ فمثلاً حل امتحاناً وأنت جالس مع أسرتك أمام التلفاز وحاول إفراغ ذهنك من كل شىء والتركيز فى الإجابة فقط .
يوم النتيجة
-إذا كرمك الله وكلل جهدك وحققت التفوق فأول شىء يجب أن تفعله هو أن تشكر الله بكل السبل الممكنة لشكره ؛فيقول تعالى:" لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ" ( 7إبراهيم)وتواصل العمل الجاد وإياك الإفراط فى الفرحة فإنه ينسيك شكر الله .
حول فشلك إلى نجاح
إذا فشلت فى شىء لا قدر الله فلا تيأس فقد صدق القائل:"الطفل لا يمشى من أول محاولة فاصبر" ويقول عادل حسنين:"بين االسفح والقمة مشوار طويل وتعب وكد وكفاح وجهاد ومشقة وانكسارات تفوق فى عددها الانتصارات".
كن صريحا مع نفسك واعترف بأخطائك حتى تتمكن من تصحيحها ومن إصلاح نفسك ؛فيقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:"كل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"(رواه أنس بن مالك فى الجامع الصغير)وخير الخطائين هنا معناها خير الناس لأنها مسبوقة بقوله –صلى الله عليه وسلم-:"كل بنى آدم خطاء"،كما أن الاعتراف بالخطأ شرط من شروط التوبة وضرورى للتعلم منه و لتفاديه مستقبلا .
 أحص أسباب فشلك بصراحة أمام نفسك وأصلحها ؛ فالعلم بالتعلم و الحلم بالتحلم ولا شىء صعب بإذن الله.
أجتهد ولا أحصل على حقى
إننى أعلم جيداً بفضل تجاربى أنه لابد من تدعيم الحظ لمجهوداتك لكى يجلب لك التفوق وقد يأتى يوم النتيجة ولا تحصل فيه على ما تريد(لا قدر الله)ولكن بعدما أديت ما عليك اعلم أن الله لن يضيع أجرك وأن ما حدث إنما هو لخير يعلمه علام الغيوب ولا تعلمه أنت وستكتشف هذا الخير بعد ذلك، فاحمد الله و اشكره على كل حال .
 اعلم أن أية منظومة تعليمية كالجامعة والمدرسة يديرها مجموعة من البشر منهم العادل ومنهم الظالم ومنهم المصيب ومنهم المخطىء فلا تنزعج ولا تغضب ولا تحزن مطلقاً إذا ظلمت فى نتائج الامتحانات واجعل همك تحصيل العلم لا تحصيل الدرجات فقط .
من ساء بدؤه ساء ختامه
أؤمن جداً بالقول القائل "من حسن بدؤه حسن ختامه ومن ساء بدؤه ساء ختامه " وواضح جداً عملياً أن كل نجاح يكون مبنياً على بداية صحيحة وسير فى الطريق الصحيح أما من أساء البدء وبدأ بداية سيئة فلا تتوقع له ولا تنتظر منه أن ينتهى إلى خير ؛ لأنه عندما بدأ بداية خاطئة سار فى طريق خاطىء واستمر فى السير فيه وهو مخطىء وطبيعى أن يصل إلى نهاية خاطئة وسأسرد مثالاً على ذلك :
-فى امتحاناتنا بالمرحلة الابتدائية كان يقوم المراقبون علينا فى لجنتنا بكتابة إجابات الامتحانات على السبورة لينقلها الطلاب وكانت الإجابات نموذجية وصحيحة تمام الصحة وكان الطلاب يجيبون إجابات واحدة وهى الإجابات النموذجية الصحيحة المطلوبة المثلى الأمر الذى جعلنى أتوقع آنذاك أن كل الطلاب سيحصلون على درجة واحدة لأن إجاباتهم كانت واحدة بأسلوب واحد ولأن الإجابات كانت المثلى الصحيحة توقعت أن يحصل كل الطلاب على الدرجة النهائية ولكن هيهات فكانت الدرجات متفاوتة ومن لم يظلم بالنقص ظلم بالزيادة وهذا ليس بغريب فقد بدأ المدرسون بداية خاطئة وهى أنهم كتبوا الإجابات الصحيحة لجميع الطلاب ولم يصبح الامتحان امتحاناً ثم قام بتصحيح الامتحانات هؤلاء المدرسون الفاشلون الفاسدون الضالون فلا نتوقع منهم أن ينهوا الأمر على صواب بل سيتمادون فى خطئهم الذى بدؤه و سيصححون تصحيحاًَ صورياً .
ومثال آخر : فى امتحاناتنا بالجامعة كانت الامتحانات فى منتهى السهولة لدرجة جعلت طالباً واحداً لم يشك من الامتحانات وبالتالى كانت إجاباتنا – الطلاب – واحدة وصحيحة ومثلى فتوقعت أن تكون درجاتنا واحدة ولكن حدث ما حدث فى المثال السابق.
ما الحل حينئذ؟
لابد أن تثق فى قول الله –تعالى-:" إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً" (الكهف30) وأن الله ادخر لك جهدك ليرده ل كفى موضع آخر خير لك من ذلك الموضع ؛فالله هو الوحيد الذى يعلم الخير لعبده والشر له فإذا كان ذلك الأمر خيرا للعبد  فسيعطيه له وإن لم يك ذلك خيراً له فسيعوضه فى موضع آخر فيقول تعالى:" عَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ "(216البقرة )، ويقول ابن القيم : " ما أغلق الله على عبد بابا بحكمة إلا وفتح أمامه بابين برحمة ".
فالحل حينئذ هو المثابرة التى تتمثل فى الصبر على الخسائر ومواصلة العمل الجاد ويقول عادل حسنين:"بين االسفح والقمة مشوار طويل وتعب وكد وكفاح وجهاد ومشقة وانكسارات تفوق فى عددها الانتصارات".
وإن نجاح أى عمل دنيوى يتكون من تعاون شيئين هما الحظ وهو توفيق الله بنسبة 90% والاجتهاد بنسبة10% وبغض النظر عن النسبة المئوية فلا ينفع الحظ بغير اجتهاد وقد أعطيت لحظ نسبة 90%لأن الله يملك كل شىء فالإنسان فى طريق النجاح يحتاج إلى تحقيق أشياء عدة أعطى الله -سبحانه- سلطة تحقيق 10%منها لاجتهاد البشر واحتفظ لجلاله وعظيم سلطانه بالباقى وطبيعى أن الإنسان إذا صدق النية وصاحبها بالعمل الجاد واستمر وصبر على الخسائر فسيعطيه الله حتما كل حسن الحظ والتوفيق فيقول تعالى :" إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً" (الكهف30) ويقول أيضا:" قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"(التوبة 105)، وفى الاجتهاد وأداء كل شخص دوره بإخلاص بغض النظر عن النتيجة وبذل الجهد حتى آخر قطرة دم وحتى آخر لحظة ممكنة يقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم :" إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها "(صحيح رواه الألبانى فى صحيح الجامع)،ويقول أيضا:" إذا اجتهد فأصاب فله أجران ، وإن اجتهد فأخطأ فله أجرٌ"(صحيح رواه الشوكانى فى الفتح البانى).
الجدير بالذكر أيضا أن الإنسان إذا اجتهد وأدى ما عليه بإخلاص فسيكرمه الله بحسن الحظ وسيسخر كل ما فى الأرض لنصرته وينزل جنودا من السماء لنصرته وسيكسر كل قواعد الدنيا لنصرته ليعطيه نتائج تفوق أى توقعات دنيوية ؛فيقول تعالى :" كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ "(249البقرة) ،ويقول –جل شأنه-:" وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [الأعراف:96]، ويقول –سبحانه-: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً * مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً [نوح:10-13] ، ومن الأمثلة على سبيل المثال لا الحصر الخليفة المصلح "عمر بن عبد العزيز " الذى صدق النية وصاحبها بالعمل الجاد فأعطاه الله –سبحانه-مجتمعا خاليا من الفقراء فقد كسر الله بذلك القاعدة الدنيوية القاضية بعدم وجود مجتمع متكامل لنصرة ومكافأة عمر بن عبد العزيز وقد أعطاه الله بذلك شيئا لم يعطه لرسوله –صلى الله عليه وسلم- ولا يتوقعه بشر وفق القواعد الدنيوية ؛فقد اختفى الفقر والفقراء في عهد عمر رضي الله عنه! حتى إن الأغنياء كانوا يخرجون بزكاة أموالهم فلا يجدون يد فقير تبسط إلى هذا المال، يا للعجب! في عشرين عاماً؟! في عشرة أعوام؟! كلا والله، بل في سنتين وخمسة أشهر وخمسة أيام! إنها المعجزة! إنها الكرامة الكبرى على يد ولد الإسلام العظيم! وأرسلت الكتب من أمير المؤمنين وتقرأ في مساجد عواصم دولته التي كانت تبلغ مساحتها ربع مساحة العالم اليوم في القرن العشرين، تقرأ كتب أمير المؤمنين رضي الله عنه: من كان عليه أمانة وعجز عن أدائها فلتؤد عنه من بيت مال المسلمين! من كان عليه دين وعجز عن سداده فسداد دينه من بيت مال المسلمين! من أراد من الشباب أن يتزوج وعجز عن الصداق فصداقه من بيت مال المسلمين! من أراد من المسلمين أن يحج وعجز عن النفقة فليعط النفقة من بيت مال المسلمين! وما من يوم إلا وينادي المنادي من قبل عمر : أين الفقراء، أين اليتامى، أين الأرامل، أين المساكين؟! يا ألله! يا خالق عمر سبحانك! ليس في عشرين عاماً وإنما في عامين ونصف! وذلك إذا سلك الناس طريق الحق ومنهج الله عز وجل.
وجدير بالذكر أيضا أن الأعمال الدنيوية لا تنجح إلا إذا كانت خالصة لوجه الله تعالى ؛فيقول تعالى:" وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ" (التوبة 25).
واقرأ الصفحة الآتية من ذكريات المؤلف التى تؤكد أن الله يفعل الخير لعبده وتؤكد صدق قوله تعالى :"عَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ "(216البقرة )
اكتشاف متأخر جداً
عشت طوال عمرى متمنيا أن أكون طبيبا وبعدما أنهيت الثانوية العامة ألحقنى مكتب التنسيق طبقا لمجموعى بكلية الطب البيطرى التى لم تك كلية وإنما كانت تجميعا للأنظمة الفاسدة فى العالم فلم أوفق بها وتركتها بعد عامين من التحاقى بها والتحقت بكلية الحقوق.
بعدما التحقت بكلية الحقوق ودرست الفصل الدراسى الأول بها اكتشفت اكتشافاً كان على أن اكتشفه منذ زمن بعيد ألا وهو أن أقوى ميولى هو ميلى للقانون وقد كنت طوال عمرى معتقداً أن أقوى ميولى هو ميلى الإعلام واللغة العربية لكنى اكتشفت أن حبى للإعلام لا يشكل جزءاً من المائة أمام حبى للقانون .
ثقتى بالله سبحانه تؤكد لى أنه لن يبخل بأى شىء على عبده إذا كان مستحقاً له ولكنه يعطيه إياه فى الوقت المناسب ، والتحاقى بكلية الحقوق كان بمثابة وضع الشخص المناسب فى المكان المناسب وفى الوقت المناسب أيضاً ولم يك من الممكن أن يحدث بغير هذه الكيفية فلو كان الله سبحانه قد سبب لى مجموعاً ضئيلاً فى الثانوية العامة ألحقنى بكلية الحقوق لبقيت حزيناً طوال عمرى على أنى فشلت فى تحقيق هدفى وهو أن أصبح طبيباً ، ولو سبب لى مجموعاً كبيراً ألحقنى بكلية طبية غير كلية الطب البيطرى –التى لا تعد كلية وإنما تجميعاً للأنظمة السيئة فى العالم – لاستمررت فيها وما التحقت بكلية الحقوق ولكنه سبحانه بحكمته جعلنى أقضى عامين فى أسوأ الأماكن حتى أكسب خبرة كافية تضبط شخصيتى لأدخل كلية الحقوق عن اقتناع تام .
وأحمد الله كل الحمد على أنى وضعت فى مكانى الأمثل وفى مجالى الصحيح وإذا وضع الموهوب فى مجال موهبته واجتهد فيه فلن تكون حدود لتفوقه وسيكون تفوقه خارقاً للطبيعة .
وأتذكر المثل الشعبى المصرى القائل " ادى العيش لخبازه ولو أكل نصه " .
وتطبيقاً لهذا الدرس الغالى الذى تعلمته ؛ فإننى الآن لا أفعل مثلما يفعل معظم طلاب كلية الحقوق بأن يوجهوا كل طموحهم نحو الالتحاق بسلك القضاء ويصابون بالاكتئاب عندما لا يوفقون فى ذلك بل سأجتهد وأؤدى ما علىَّ وسأدعو الله قائلا :"اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خيرا لى فقدره لى".  
                                                                                       محمود عبد القادر                             
أسيوط فى 10 يناير 2010       

واقرأ هذه الصفحة من ذكريات المؤلف:
صفحة من ذكريات طالب ثانوية عامة
(عدنا بخفى حنين )
   جميل أن تثق بنفسك لكنك مطالب بوضع حدود لهذه الثقة وبالحرص على عدم تخطي هذه الحدود حتى لا يتغير الحال وتتحول إلى ثقة زائدة ثم إلى غرور شيئاً فشيئاً وهو الأمر الذى ينتاب معظم الشباب فى هذه الفترة .
صحيح أن ثقتك بنفسك تعينك على العمل وتشجعك عليه وتشد من أزرك فى تحقيق أحلامك وطموحاتك التى قد تكون لا حدود لها ، وقد تزداد هذه الثقة عندما تحقق أحد أحلامك وهناك تظهر إمكانيات البشر فى القدرة على التفريق بين الثقة بالنفس والثقة الزائدة التى سرعان ما تتحول إلى غرور والتى قد تضر صاحبها أضراراً بالغة الأثر إن لم تتحول إلى غرور ، وغالباً لا يستطيع معظم الشباب التمييز بين هذين الأمرين .
لقد كنت واحداً من الشباب الذين لم ينجوا فى هذا التمييز فى التجربة التى سأرويها لك -عزيزى القارىء -.
   أديت امتحانات المرحلة الأولى من الثانوية العامة بأعصاب من حديد بالغة الهدوء وبنفس فائقة الثبات وبتواضع رهيب والحمد لله وفقت وأجبت إجابات صحيحة على أسئلة جميع الامتحانات ، وهنا يأتى الخطأ فى فترة ما بعد الامتحانات فتوفيقى فى أداء الامتحانات جعلنى واثقأ كل الثقة بأننى سأحصل على مجموع الـ100% كاملاً دون نقصان وأخذت تزداد هذه الثقة شيئاً فشيئاً ورغم أنها لم تصل إلى حد الغرور إلا أنها جعلتنى أفكر فيما سأفعله بعد الحصول على الـ100% وكيف سيكون حال الإجازة الصيفية وحال الاحتفال والفرحة فأصبحت أفكر وأكتب وأتحدث مع الناس وكأننى قد حصلت بالفعل على مجموع الـ100% والغريب أن أصدقائى وأهلى وحيرانى كانوا واثقين بذلك الأمر أكثر منى الأمر الذى زادنى وهما وغفلة وأنسانى كل شىء ؛ فقد أنسانى أن لكل إنسان نصيباً لابد أن يأخذه سواء كان له أو عليه ولن يأخذ أكثر منه ولا أقل مهما فعل ومهما تغيرت الظروف وتبدلت الأحوال ، ولم أتذكر آنذاك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " و اعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشىء لم ينفعوك إلا بشىء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشىء لم يضروك إلا بشىء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف " ، و ذهبت لاستقبال النتيجة بنفس ثابتة وبأعصاب حديدية أيضاً وأنا مطمئن كل الطمأنينة أننى حاصل على مجموع الـ 100% فى مفاجأة ستذهل كل الحاضرين واستلمت ورقة نتيجتى وقد سيطر على شعور الثقة الزائدة آنذاك حتى إننى عندما جمعت الدرجات كنت حاصلاً على 45.5 درجة من 50 درجة فى مادة الكيمياء وقد جمعتها على أنها 49.5 / 50 ولم يكن ذلك خطأ النظر ودقة الملاحظة فقط وإنما كان خطأ الثقة الزائدة بالنفس ، وجدت المجموع 98.4 % وهنا كانت الصدمة التى لم تصبنى أنا فقط بل امتد أثرها إلى كل الحاضرين الذين كانوا ينتظرون منى الـ 100% إلا إننى رضيت بقضاء الله وحمدته وعدت إلى المنزل لأجلس بمفردى فى هدوء تام  و أحاول استيعاب ما حدث ؛ فجمعت الدرجات ثانية وهنا اكتشفت أن درجتى فى الكيمياء هى 45.5 وليست 49.5 الأمر الذى جعل مجموعى 96.4% فجعلت أردد " لقد ظلمت فى الكيمياء ولأن أهدأ حتى أعيد تصحيحها ، وما هو إلا يوم مرد وفى اليوم التالى سددت والدتى رسوم إعادة التصحيح وذهبت مع أخى الأكبر إلى محافظة أسيوط بعد أسبوع من تاريخ ظهور النتيجة لإعادة التصحيح .
  لقد أخطأت للمرة الثانية ؛ فقد كان يجب على التروى والتمهل فى الأمر ومراجعة ما أتذكر أننى كتبته فى ورقة الإجابة على نموذج الإجابة الصادر عن الوزارة قبل دفع الرسوم المقررة أو الذهاب لإعادة التصحيح ، وقد تسببت ثقتى الزائدة فى هذا الخطأ أيضاً .
بدأت داخل لجنة إعادة التصحيح مراجعة ما كتبته بورقة إجابنتى على نموذج الإجابة وكانت المفاجأة أن أحد الأسئلة كان كالآتى :-
أ)اختر الإجابة الصحيحة مع كتابة معادلة التفاعل الموزونة ، وقد كان السؤال من أربع نقاط وكان نموذج الإجابة ينص على أن الاختيار الصحيح عليه نصف درجة والمعادلة عليها درجة واحدة واكتشفت أننى قد كتبت الاختيار الصحيح فقط فى  النقاط الأربع دون كتابة الأربع معادلات الأمر الذى تسبب فى فقدانى أربع درجات أى 2% أى أننى كان من الممكن أن احصل على 98.4% بكل سهولة ولكنه النصيب المكتوب والمقدر غير القابل للتغيير .
آنذاك رضيت بقضاء الله لكننى أخذت أسأل نفسى عدم كتابة المعادلات خطأ من ؟؟؟! هل هو خطأ تقصيرى وعدم استذكارى الجيد ؟ لا فقد كنت أستذكر طوال العام على أكمل وجه وقد كانت المعادلات سهلة جداً بجيث لا يعجز أى طالب عن كتابتها ، هل هو خطأ المصحح ؟ لا فقد تم تصحيح ورقة الإجابة على أكمل وجه دون خطأ ، إذاً فهل يكون خطأ عدم دقة الملاحظة والتسرع ؟ لا فقد تمت ملاحظة هذا السؤال فى الجزئية ( أ ) ولكننى كتبت معادلات الجزئية (ب ) وهى ليست مطلوبة وكانت معادلات الجزئية ( أ ) هى المطلوبة ، إذا فهل يكون خطأ التسرع وعدم التركيز ؟ لا فقد كنت فى قمة التركيز وهدوء الأعصاب وثبات النفس والرزانة والحالة النفسية الجيدة وليس فى الإمكان أفضل مما كان آنذاك ، إذاً فهو ليس خطأ أحد ولكنه النصيب المكتوب الذى قدره الله علىَََّ و الذى لن يتغير بفعلى أو بفعل أى شخص أو أى شىء ؛ فحمدت الله ورضيت بقضائه وأدركت جيداً حينئذ أن الله يريد بى الخير بنقصان هذه الدرجات ، فإننى لا أعرف أين الخير ولا أعلم الغيب ولكن الله سبحانه وتعالى –وحده هو الذى يعلم الغيب ويعلم أين الخير ؛ فهو الذى خلق عباده وهو قدير على توجيههم للخير ، وتذكرت آنذاك أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً فجعلت أردد ذلك وأردد قوله تعالى " إنا لا يضيع أجر من احسن عملاً " على مسامع أخى وأفهمته أن الله قد ادخر لى عملى وتعبى طوال العام ليرده لى فى شىء خير من ذلك .
إننى لم أكتب هذه الصفحة من ذكرياتى بغرض تسجيل الذكريات وإخراج ما يجيش بخاطرى فحسب بل لأؤكد حقيقة دنيوية وهى أن كل شىء فى حياتنا نصيب مكتوب محتوم وحتمى وغير قابل للتغيير يجب الرضا به والاستمرار والمثابرة والاجتهاد فى العمل لنيل نصر الله ، فإن الله يختبر عبده فيما أتاه ، ويختبر إيمانه ومثابرته فى كل شىء وإنه سبحانه وتعالى يوفق عباده لكل خير وهم لا يشعرون ويختار لهم الأفضل ، لأنه الوحيد الذى يعرف ما الأفضل وما الأسوء وأين الخير وأين الشر .
أنا مثلاً كنت أتمنى الحصول على مجموع الـ 100% وأنا لا أدرى ماذا كان سيحدث لو تحقق هذا الحلم ، فقد يكون وبالاً علىّ وعلى أسرتى وقد أصاب بعين الحسود فيحدث ما لا أتمناه من مرض أو فشل أو قد ينتابنى الغرور فلا أستطيع الاستمرار فى العمل الجاد ويكون هذا المجموع مطية الإخفاق بالنسبة لى أو قد يؤهلنى للالتحاق بكلية لا أوفق فيها ، ونظراً لأننى تعبت طوال العام الدراسى وبذلت قصارى جهدى ولم أدخر وسعاً فى استذكار دروسى إذا فأننى واثق أن الله قد وفقنى لمجموعى هذا لخير لا أعمله وقد نجانى من شر مجموع الـ 100% ولنتذكر قصة يوسف الصديق عليه السلام –فقد بيع بدراهم معدودة لعزيز مصر وقد كان ذلك خيراً له لم يعلمه إلا بعد أن صار ملكاً على مصر .
محمود عبد القادر
ملوى فى 22/7/2006م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق